enigma

enigma

من ثمرات التلاوة : خواطر حول سورة العنكبوت



                                                                                 السلام عليكم   

 

  

      الدينية تقدم لكم : خواطر حول سورة العنكبوت

   هدف السورة: مجاهدة الفتن والنجاة من الابتلاء
سورة العنكبوت مكيّة وتدور آياتها حول الفتن وسنّة الإبتلاء في هذه الحياة وقد نزلت في وقت كان المسلمون يتعرضون في مكة لأقسى أنواع المحنة والشدّة. فالإنسان معرّض لأن يفتن في كثير من الأمور كفتنة تكاليف الإيمان 0وما يتطلبه من جهد وتضحيات .
وفتنة المال والبنين والدنيا والسلطة والشهوات والصحة والأهل وهذا من تدبير الله تعالى ليبلو الناس أيهم أحسن عملا وليعلم صدق العباد وليختبرهم في إيمانهم وصدقهم.
تبدأ السورة الكريمة تتحدث بصراحة عن فريق من الناس يحسبون الإيمان كلمة تقال باللسان فإذا نزلت بهم محنة وابتلاء نكصوا على أعقابهم وارتدوا عن إيمانهم وتخلوا عن إسلامهم ، تخلصاً من عذاب الدنيا وكأن عذاب الآخرة أهون منه .
وتتحدث السورة عن الفتن وكأنها مستمرة في حياة الناس ، وعليهم أن يتعلموا كيف يواجهونها ويجاهدونها .
ثم يستعرض السياق قصص الأنبياء :
وكيف واجهوا الأذى من أقوامهم ، سيدنا نوح ، وإبراهيم ، ولوط ، وموسى ، وشعيب .
وفي هذ القصص كله دروس من المحن والابتلاء تتمثل في ضخامة الجهد الذي يبذله الأنبياء وضآلة الحصيلة فما آمن مع نوح إلا قليل وكذلك لوط وغيرهم عليهم السلام .
وتحدثت الآيات عن بعض من طغوا وتكبروا في الأرض ، كعاد وثمود وقارون وهامان مع ذكر ما حلّ بهم من الهلاك والدمار.
وتختم السورة (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) آية 69 ببيان جزاء الذين صبروا أمام المحن وجاهدوا بأنواع الجهاد النفسي والمالي ووقفوا في وجه المحنة والابتلاء صامدين ثابتين .
حول اسم السورة :
ضرب الله تعالى لنا هذا المثل ليدلنا على أنه كما تتشابك وتتعدد خيوط العنكبوت التي ينسجها كذلك هي الفتن في هذه الحياة متعددة ومتشابكة لكن إذا استعان العبد بالله فإن هذه الفتن كلها تصبح واهية كبيت العنكبوت تماماً.
فسبحان الذي يضرب الأمثال وهو العليم الحكيم.
ومثل العنكبوت هنا على عكس الأمثلة التي ضربها تعالى في النمل والنحل. فالنمل عبارة عن أمّة منظمة دقيقة رمز التفوق الحضاري، وأنت تلاحظ أن سورة النمل فيها إشارات إلى العلم .
أما مثل النحل فضربه الله تعالى نعمة للعباد فأخرج من بطونها العسل،شرابًا وشفاءً للناس .
وقد أثبتت الدراسات العلمية مؤخراً حقيقة علمية أن ذكر العنكبوت ما إن يلقّح الأنثى حتى تقضي عليه وتقطعه ثم إذا كبر صغار العنكبوت يقتلون أمهم فهو بحقّ من أوهن البيوت اجتماعياً.
ومن هنا نعلم أن الذين يعبدون غير الله ويرفضون منهجه ودينه وشريعته ، فهم كالعنكبوب اتخذت بيتا ( وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) .
فانظر مثلهم يوم القيامة وتذكر بيت العنكبوت وطابق المثل مع الجزاء :
وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) .
فكيف يترك الناس توحيد الله وعبادته وهم يقرون به ربا خالقًا بديعًا :
( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله ) .
كيف يقرون بذلك ثم يتخذون بيت العنكبوت وهو مثل قرآني يبين ضعف وهوان وخراب كل بيت أو كل مأوى غير مأوى الله ، وكنف الرحمن .
ونحن إذا نظرنا إلى افتتاح السورة :
1) فهي تبدأ بالحروف التي تشير إلى القرآن .
2) ثم تتحدث عن تكاليف الإيمان ومايبذله الدعاة من جهد وما يقدمون من تضحيات ؛ من أجل أن يبلغوا دعوة ربهم ، ومايقابلونه من عنت الكافرين .
3) ثم حديث عما يلاقيه الكافرون من عذاب وأنهم لن يفلتوا من قبضة الله وعذابه .
4 ) ومن كان يريد لقاء ربه ويرجوه فسيحقق الله له مايريد من حسن الجزاء وعظيم المثوبة .
5 ) ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ، وهي التبعة الفردية لكل إنسان .
6 ) وفي السورة الكريمة توجيه للرسول صلى الله عليه وسلم وللدعاة : كيف يثبتون في أنفسهم وكيف يواجهون أقوامهم ، وبيان لرحمة الله بالمؤمنين .
هذا ما بدأت به السورة الكريمة .
وتكاد السورة كلها تدور حول هذه المعاني . فأنت تستطيع أن تضع آيات السورة تحت أي من هذه المفاهيم .
والله أعلم .
1 ) بدأت السورة الكريمة بالحروف المقطعة ( الم ) ...
والسور التي تبدأ بهذه الحروف التي هي مادة هذا الكتاب وهي لغة القوم ومع ذلك لا يستطيعون أن يأتوا بسورة من مثله .
فالسور التي بدئت بهذه الحروف تتضمن حديثاً عن القرآن وتستطيع أن تلاحظ ذلك في سور القرآن الكريم .
فقد ورد فيها :
• { اتل ما أوحي إليك من الكتاب }
• { وكذلك أنزلنا إليك الكتاب }
• { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك }
• { بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) { أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم } .
2 ) أما الحديث عن تكاليف الإيمان وما يبذله الدعاة : فقد تناولته الآيات الآتية :
• { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) .
• وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)
• وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) لغاية الآية 36 . والآية : 39
. 3 ) والآيات التي تحدثت عما يلاقيه الكافرون :
• ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) .
• يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22) .
• وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23) .
• ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) .

• إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) .
• فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) .

4 ) ومن كان يرجو ثواب الله وعظيم الأجر فقد تناولت هذا المعنى الآيات الآتية :
• وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) .
• وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) .
• فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)
• وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)
• وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) .

5) وكل ما يفعله الإنسان يعود عليه هو وهي التبعة الفردية :
• مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)
• وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)

• ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) .

6 ) وفي السورة توجيه للدعاة من الله عز وجل :
فتلاوة القرآن واتباع هديه وأقامة تعاليمه هي سبيل النجاة في الآخرة والنصر في الدنيا :
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) .
ويعلمه كيف يقابل المشركين والكافرين :
وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)
قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54)
وهذا خطاب من الله مباشر للمؤمنين يفيض رأفة ورحمة ، وذلك بعد الحديث عن عذاب الكافرين يوم القيامة يا عبادي المؤمنون أدركوا أنفسكم فإني بكم رءوف رحيم :
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) .

والحمد لله أولا وآخرا .

المصدر : مدونة تدبر القرأن 

0 commentaires

Enregistrer un commentaire